وتعتبر​هذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها المجلة بحثًا من تأليف منفرد لموظفين في شركة تقنية صينية وفقًا لمؤشر Nature. البحث الذي ظهر على صفحات المجلة في 5 يوليو 2023 يصف كيفية تطوير نظام عالمي محدد ودقيق للتنبؤ بالطقس باستخدام الذكاء الاصطناعي بناء على التعلم العميق الذي اعتمد على بيانات 43 سنة.

يُعد Pangu-Weather أول نموذج للتنبؤ بالطقس بالذكاء الاصطناعي يظهر دقة أعلى من وسائل التنبؤ بالطقس العددية التقليدية. كما يسمح النموذج بتحسين سرعة التنبؤ بمعدل يصل إلى 10,000 مرة، الأمر الذي من شأنه أن يقلص زمن التنبؤ بالطقس العالمي إلى ثوانٍ معدودة. البحث الذي جاء تحت عنوان "تنبؤ دقيق بالطقس العالمي على المدى المتوسط بشبكات عصبية ثلاثية الأبعاد"، قدم براهين مستقلة على تلك القدرات.

ويتحدى Pangu-Weather الافتراضات القائمة في السابق بأن دقة تنبؤات الطقس بالذكاء الاصطناعي أقل من التنبؤات العددية التقليدية. ويُعتبر النموذج الذي طوره فريق Huawei Cloud أول نموذج تنبؤ بالذكاء الاصطناعي يتفوق في الدقة على وسائل التنبؤ العددية التقليدية.

في ظل النمو السريع للقوة الحاسوبية على مدار السنوات الثلاثين الماضية، تحسنت دقة التنبؤ العددي بحالة الطقس تحسنًا هائلاً، مما ساعد على تقديم تحذيرات من الكوارث الكبرى وتنبؤات التغير المناخي. ومع ذلك، ظلّت تلك الطريقة تستهلك وقتًا طويلًا نسبيًا. وبهدف تحسين سرعات التنبؤ، عكف الباحثون على استطلاع وسائل يمكنها استغلال الذكاء الاصطناعي ومفهوم التعلم العميق. إلّا أن دقة تنبؤات الطقس التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في المدى المتوسط والطويل ظلت أقل من التنبؤات العددية. وكان الذكاء الاصطناعي عاجزًا في أغلب الأحيان عن التنبؤ بتغيرات الطقس القاسية وغير المألوفة، كالأعاصير على سبيل المثال.

يشهد العالم كل سنة نحو 80 إعصارًا. الأمر الذي يسبب خسائر بشرية ومادية كبرى. ففي سنة 2022، بلغت الخسائر الاقتصادية المباشرة نتيجة الأعاصير في الصين وحدها 5.42 مليار يوان، بحسب الأرقام الصادرة عن وزارة إدارة الطوارئ الصينية. لذا، أضحت ضرورة التنبؤ بهذه الكوارث مبكرًا ضرورة قصوى، إذ كلما أمكن إصدار التحذيرات مبكرًا، أصبح إجراء الاستعدادات أسهل وأفضل، وقلت الخسائر المادية والبشرية.

وبسبب سرعتها، اكتسبت نماذج التنبؤ بالطقس بالذكاء الاصطناعي جاذبية لكنها كانت تفتقر إلى الدقة لسببين. أولًا، تعتمد نماذج الذكاء الاصطناعي القائمة للتنبؤ بالأرصاد الجوية على شبكات عصبية ثنائية الأبعاد والتي لا يمكنها معالجة بيانات الأرصاد ثلاثية الأبعاد بدقة. ثانيًا، يمكن أن تعاني تنبؤات الطقس متوسطة المدى من أخطاء تنبؤية تراكمية نتيجة الاستدعاء المفرط للنموذج.

كيف عالج Pangu-Weather هذين التحديين

أثناء التجارب العلمية، أظهر Pangu-Weather دقته الأعلى مقارنة بوسائل التنبؤ العددية التقليدية بالنسبة إلى تنبؤات الطقس لساعة إلى 7 أيام بزيادة في سرعة التنبؤ بحوالي 10,000 مرة. ويستطيع النموذج التنبؤ بدقة وفي غضون ثوانٍ معدودة بملامح تفصيلية لحالة الأرصاد تشمل الرطوبة وسرعة الرياح ودرجة الحرارة والضغط عند مستوى البحر.

يستخدم النموذج بنية Earth-Specific Transformer ثلاثية الأبعاد لمعالجة بيانات الأرصاد ثلاثية الأبعاد المعقدة وغير الثابتة. وباستخدام استراتيجية تجميع هرمية وزمنية، تدرّب النموذج على فواصل تنبؤ مختلفة باستخدام فواصل لمدة ساعة واحدة و3 ساعات و6 ساعات و24 ساعة. الأمر الذي أسفر عن تقليل معدل التكرار للتنبؤ بحالة الأرصاد في وقت معين وتقليص عدد التنبؤات الخاطئة.

ولتدريب النموذج على فواصل زمنية محددة، درّب الباحثون 100 فترة (دورة) باستخدام عينات بالساعة لبيانات الطقس بين عامي 1979 و2021. تطلب كل واحد من النماذج الفرعية الناتجة 16 يومًا من التدريب على بطاقات رسوميات 192 V100. ويمكن الآن لنموذج Pangu-Weather أن يستكمل تنبؤات الطقس العالمي خلال 24 ساعة في 1.4 ثانية فقط على بطاقة رسوميات V100، بتحسّن بلغ 10,000 مرة مقارنة بالتنبؤ العددي التقليدي.

وفي معرض شرحه لأسباب اختيار فريق الذكاء الاصطناعي في Huawei Cloud التركيز على تنبؤات الطقس، فسّر الدكتور Tian Qi، كبير علماء حقل الذكاء الاصطناعي في Huawei Cloud، وزميل IEEE وعضو الأكاديمية الأوراسية الدولية للعلوم قائلًا، "التنبؤ بالطقس أحد أهم السيناريوهات في حقل الحوسبة العلمية لأن تنبؤات الأرصاد نظام معقد جدًا، كما يصعب تغطية جميع عناصر المعرفة الرياضية والفيزيائية. لذلك يسرنا أن تعترف مجلة Nature ببحثنا. تستطيع نماذج الذكاء الاصطناعي استخراج قوانين التطور الجوي من بيانات هائلة. وفي الوقت الحالي، يستطيع نموذج Pangu-Weather إكمال العمل الأساسي لنظام التنبؤ، وتكمن قدرته الأساسية في التنبؤ بتطور أحوال الطقس. وهدفنا النهائي يتمثل في بناء نموذج جديد لإطار عمل التنبؤ بالطقس باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقوية أنظمة التنبؤ القائمة."

وتعليقًا على أهمية وجودة البحث الذي أجرته Huawei Cloud، أوضح المراجعون الأكاديميون من مجلة Nature أن Pangu-Weather فضلًا على كونه سهل التنزيل والتشغيل، لكنه أيضًا ينفذ الأوامر بسرعة كبيرة حتى على أجهزة الحاسوب المكتبية. وهذا يعني أن جميع العاملين في مجتمع الأرصاد الجوية يمكنهم الآن تشغيل تلك النماذج وتجربتها كيفما يشاؤون. وهذه فرصة عظيمة للمجتمع لكي يستكشف مدى كفاءة النماذج الذكية في التنبؤ بظواهر معينة. وسيساعد هذا الأمر على إحراز تقدم في هذا المجال." كما أشار مراجع آخر إلى أن "النتائج ذاتها تُعتبر خطوة مهمة كونها تتجاوز النتائج السابقة. وهذا العمل، من وجهة نظري، سيدفع الناس إلى إعادة تقييم ما قد تبدو عليه نماذج التنبؤ في المستقبل."

هذا وقد استحوذ إعصار ماوار، الذي حدث في مايو 2023، على اهتمام عالمي بوصفه أقوى عاصفة استوائية حتى الآن في هذه السنة. وبحسب إدارة الأرصاد الجوية الصينية، تنبأ Pangu-Weather بدقة بمسار الإعصار ماوار قبل خمسة أيام من تغيير مساره إلى المياه الشرقية لجزر تايوان (الصين).

معدل الخطأ لدى Pangu كان أقل في التنبؤ بمسار إعصار ماوار

علاوة على ذلك، ولضمان التطور المستمر لنماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة للتنبؤ بالطقس، فإنه لا غنى أيضًا عن بيئات سحابية مستقرة ومجموعات عمل وخدمات تشغيل وصيانة مطابقة.